Monday, January 16, 2006

قال لى صاحبى عن محادثه هاتفيه للمعايده - وعذرا صاحبى لانى انشرها هنا

أخي الكريم

كانت معايدتك التليفونية من أمريكا مفاجأة طيبة. وهناك نقاط معلقة عزمت على تناولها معك. وتتعلق النقطة الأولى بحديثك عن الثواب الأكبر في الحج عن العمرة؛ حين اقترحت أن تكون العمرة هي البديل لمن سبق له الحج؛ كعلاج جزئي لظاهرة التزايد الكبير للأعداد (ثم التزاحم المهلك) في موسم الحج. وما دام الهدف من العبادات يأتي من واقع كونها وسيلة تقرب إلى الله، فلقد وجدت العلاقة مع الخالق أمتع وأنفع بتحولها تماما إلى مسار الشكر الدائم والمتصل على النعم؛ فلا تدخل مسألة الثواب الأقل والأكثر في الاعتبار، ذلك إلى جانب أنها متروكة لكرم المولى وحده. وما وجدته هو أن رضاء الله (أو إرضاءه) هو الأساس وهو الأهم، وأن إرضاءه سبحانه ليس بالصعب أبدا؛ ولقد يسر لنا ذلك إلى أبعد الحدود، في قوله : "اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور". وهكذا، فإن الشكر على النعم لا يكلف شيئا ولا يكلف جهدا؛ ومع ذلك يحقق للشاكر "الشكور" تميزا سريعا مضمونا على أكثر من في الأرض : "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون".

وتتعلق النقطة الثانية في شأن العيد بمسألة الأضحيات، والمشهد العام في شوارع القاهرة عامة يجعل منها مظهر طاعة في ثوب معصية وفضيلة في ثوب رذيلة ولا ينصف هذا الإسلام الذي يسمو بقدره .. ربما أكثر ما يسمو؛ بقيمة النظافة المطلقة والطهر المبين. والإسلام، بكونه عقيدة تدبر وتفكر وتفتح وتحرر لا يصح أن يعدم معه المخلصون في الانتساب إليه الوسيلة التي توفر لهم البدائل الأرقى والأكرم في كل الظروف؛ ما حرصوا على التعامل مع الجوهر والبناء عليه. والجوهر هو الذي يشكل الغاية، ويقدم الوسائل الكريمة إلى بلوغها.


أخوك
د: ف ع أ
16 يناير 2006