Monday, March 06, 2006

عن الكره

قدم خبراء كرة القدم المحنكون المخضرمون انتقادات وتعليقات وتحليلات على مباراة قمة الأمس بين قطبي الكرة المصرية؛ الفريق الأحمر صاحب الملعب ومنافسه التقليدي الأبيض. ومنهم من تحدثوا بكل الثقة واليقين وكأنهم علماء ببواطن الأمور قبل ظواهرها بينما الحقيقة أنهم غالبا، إن لم يكن دائما، يفصِّلون كلامهم وفق مقاس النتائج وليس وفق الشواهد والقواعد؛ ومنها تلك التي يرددونها ويبنون عليها خطابهم الرياضي. وللعدل والإنصاف، كان هناك بالأمس استثناء لافت، وإن لم يكن مستغربا؛ لأن صاحبه أستاذ أكاديمي وممارس في نفس الوقت، وهو المدير الفني لفريق أسمنت أسيوط. وكان استثناءأ لأنه جمع بين التخصص العلمي والخبرة العملية، وليست الكلامية. فلقد صرح الدكتور القدير، على القناة التليفزيونية السابعة، بأن الفريقين قدما في مباراة الليلة أفضل وأحسن عرض للقاء قمة منذ زمن طويل. وجاء تصريحه ذاك متصالحا مع ما صرح به اللاعبون أنفسهم بأنها كانت "مباراة تكتيكية في المقام الأول" ومع منطق النجاح التكتيكي؛ وإن اختلف ذلك مع كلام خبراء التحليل والمعلقين التليفزيونيين المحترفين عن نفس المباراة

فمن القواعد التكتيكية الأولية التي يرددها الخبراء كثيرا؛ التخطيط والعمل أولا على ألا يصاب مرمى الفريق بهدف. وهذا ما تحقق بالأمس للفريقين، فكان نجاحهما في ذلك مبهرا. وهكذا نتعلم بأن أنجح مباراة تكتيكيا، لمنافسين قويين إيجابيين، هو التعادل السلبي. وخبراء الأمس (باستثناء الدكتور) نفوا وجود أي تكتيك يذكر؛ بل وزادوا بأن المباراة كانت عقيمة، ومع ذلك أكدوا بأن نجمي المباراة الحقيقيين كانا حارسي المرمى اللذين صححا كثيرا من أخطاء دفاعيهما وأنقذا مرميهما من أهداف محققة. ولقد تجاهل أولئك الخبراء حقيقة أن نسبة الأهداف الضائعة لم تكن تزيد أبدا على المعتاد بالنسبة لعدد الهجمات التي فاقت المعتاد كثيرا؛ والفرص بالتالي لم تضع، ولم تضيَّع، وإنما هي أبطِلت. والفضل في هذا يرجع منطقيا، إلى التكتيك السليم الواعي والأداء العالي من دفاعات الفريقين. ومن هنا فإن وصم المباراة بالضعف والخلو من الإثارة جاء مجافيا للواقع ومنافيا للحقيقة، فكل فريق كان يسعى بجد وقوة للفوز. وخلوها من الأهداف شهادة جدارة للفريقين؛ فنيين ولاعبين. وحرام أن نبخس الناس أشياءهم
بقلم: د. ف ع أ