حضرة الأستاذ وائل الإبراشي - برنامج "الحقيقة" / تليفزيون دريم
حضرة الأستاذ وائل الإبراشي - برنامج "الحقيقة" / تليفزيون دريم
تابعت حلقة الأمس من البرنامج حول قضية "المادة الثانية"، وللأسف أفسدها علينا ذلك الوافد من أمريكا مدافعا عن حقوق نصارى بلده
الأم. ذلك أنه لم يكن عقلانيا ولا موضوعيا وإنما كان انفعاليا مكابرا مغالطا؛ ولهذا لم تكن لديه أدنى ذرة معرفة بآداب الحوار. ولقد صبر عليه الضيفان الآخران صبرا جميلا طويلا، لكنه تمادى في التشويش إلى أبشع وأقبح الحدود. وهكذا فضح نفسه، ووضح أنه لم يأت ليطفئ نار الفتنة وإنما ليزيدها اشتعالا؛ مشحونا بالغل والكره والتجني والتعدي على دين الله، فلم ير فيه شيئا طيبا حسنا تستقيم به الأمور. وأمامنا، من دون شك، بشر يحركه التعصب؛ والتعصب أعمى وجهل وجهالة وظلمات بعضها فوق بعض. وليس في هذا الموقف من شيء جديد، وقد عالجه القرآن الكريم بوصفة رائعة هي قمة السمو والرقي والتحضر : "... ولتسمعُن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" – من الآية 186، سورة آل عمران.
والآن لعلنا نتعامل مع المعطيات وحدها؛ لكي تتضح من ورائها الرؤية الموضوعية المفيدة والمجدية. وأول المعطيات أن وجود المادة المذكورة لن يضيف للإسلام (أو حتى للمسلمين) شيئا، وأن إلغاءها لن ينتقص من الإسلام (أو حتى من المسلمين) شيئا. ومعنى هذا أنه وغيره يشغلون أنفسهم بقضية لا تقدم ولا تؤخر؛ أي هم يتصدرون لتوافه الأمور، دون عظائمها. والدليل العملي على هذا أن وجود المادة المذكورة لم يمنع أجهزة "الدولة المسلمة"، كمثال واضح عام وشائع، من أن تكون لديها قنوات تليفزيونية فضائية وأرضية تعرض أعمالا فنية متنوعة تجتمع على تمجيد العري والعهر والعنف والجريمة والسكر والبغي والرذيلة بكافة أشكالها وأنواعها. والقائمة بغير نهاية وليس فيها ما يمت لشريعة الإسلام أو تعاليم الإسلام أو قيم الإسلام بأدنى صلة. وتكتفي "الدولة المسلمة"، مثلما يكتفي عامة مسلميها، بالوعظ؛ بينما يقطع نبي الإسلام بأنه : "ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل".
القضية إذن، لمن أحسن النية وصدق العزم وأنصف الحقيقة، هي أولا وأخيرا "قضية العدل مقابل الظلم". والعدل لا يتجزأ والظلم مثله لا يتجزأ. وعليه فإن الضيف المشوِّش لم يكن مقنعا في حديثه عن المواطنة، وبمنطقه تكون دعوته هي دعوة صريحة للعنصرية (التي يدعي أنه يحاربها)، واستئثار قطاع من الأمة بإشباع المطالب وحرمان البقية. فإذا كانت الدولة التي يعترض على دستورها هي "دولة ظلم"، فإن الظلم يعم وإن كانت "دولة عدل" فإن العدل يعم أيضا. وبما أنه لا يراها دولة عدل فإن ضحايا الظلم فيها هم الأكثرية وما يقع عليهم أكثر حدة وفداحة وأعظم هولا. ولكن هذا لا يعنيه؛ ثم يتحدث عن المواطنة !! والمواطنة في دعوته هي عدم الإحساس بمعاناة الغير؛ أي : نحن ومن بعدنا الطوفان
وما من شك في أنه وغيره من الداعين إلى المساواة، سوف يكونون أكثر إقناعا لو أنهم نادوا بإقرار العدل في البلاد؛ وألحوا في مطالبتهم بإصرار وقوة. ولو أنصفوا لسعوا جاهدين إلى تطبيق معايير الإسلام في إقرار العدل، وفيها : "إن الله يأمر بالعدل والإحسان". وإنني أتحدى أن يجدوا في دساتير وشرائع وقوانين الدنيا ما هو أرقى من ذلك وأسمى وأبدع وأعظم : عدلا مقرونا بالإحسان وإحسانا مقرونا بالعدل؛ لا يفترقان أبدا. لكن الواقع أن إقرار العدل في هذا العالم ضرب من المستحيل، فإذا كانت دولة العدل "ساعة"، فإن دولة الظلم إلى قيام الساعة
تحريرا في 24 فبراير 2007
والآن لعلنا نتعامل مع المعطيات وحدها؛ لكي تتضح من ورائها الرؤية الموضوعية المفيدة والمجدية. وأول المعطيات أن وجود المادة المذكورة لن يضيف للإسلام (أو حتى للمسلمين) شيئا، وأن إلغاءها لن ينتقص من الإسلام (أو حتى من المسلمين) شيئا. ومعنى هذا أنه وغيره يشغلون أنفسهم بقضية لا تقدم ولا تؤخر؛ أي هم يتصدرون لتوافه الأمور، دون عظائمها. والدليل العملي على هذا أن وجود المادة المذكورة لم يمنع أجهزة "الدولة المسلمة"، كمثال واضح عام وشائع، من أن تكون لديها قنوات تليفزيونية فضائية وأرضية تعرض أعمالا فنية متنوعة تجتمع على تمجيد العري والعهر والعنف والجريمة والسكر والبغي والرذيلة بكافة أشكالها وأنواعها. والقائمة بغير نهاية وليس فيها ما يمت لشريعة الإسلام أو تعاليم الإسلام أو قيم الإسلام بأدنى صلة. وتكتفي "الدولة المسلمة"، مثلما يكتفي عامة مسلميها، بالوعظ؛ بينما يقطع نبي الإسلام بأنه : "ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل".
القضية إذن، لمن أحسن النية وصدق العزم وأنصف الحقيقة، هي أولا وأخيرا "قضية العدل مقابل الظلم". والعدل لا يتجزأ والظلم مثله لا يتجزأ. وعليه فإن الضيف المشوِّش لم يكن مقنعا في حديثه عن المواطنة، وبمنطقه تكون دعوته هي دعوة صريحة للعنصرية (التي يدعي أنه يحاربها)، واستئثار قطاع من الأمة بإشباع المطالب وحرمان البقية. فإذا كانت الدولة التي يعترض على دستورها هي "دولة ظلم"، فإن الظلم يعم وإن كانت "دولة عدل" فإن العدل يعم أيضا. وبما أنه لا يراها دولة عدل فإن ضحايا الظلم فيها هم الأكثرية وما يقع عليهم أكثر حدة وفداحة وأعظم هولا. ولكن هذا لا يعنيه؛ ثم يتحدث عن المواطنة !! والمواطنة في دعوته هي عدم الإحساس بمعاناة الغير؛ أي : نحن ومن بعدنا الطوفان
وما من شك في أنه وغيره من الداعين إلى المساواة، سوف يكونون أكثر إقناعا لو أنهم نادوا بإقرار العدل في البلاد؛ وألحوا في مطالبتهم بإصرار وقوة. ولو أنصفوا لسعوا جاهدين إلى تطبيق معايير الإسلام في إقرار العدل، وفيها : "إن الله يأمر بالعدل والإحسان". وإنني أتحدى أن يجدوا في دساتير وشرائع وقوانين الدنيا ما هو أرقى من ذلك وأسمى وأبدع وأعظم : عدلا مقرونا بالإحسان وإحسانا مقرونا بالعدل؛ لا يفترقان أبدا. لكن الواقع أن إقرار العدل في هذا العالم ضرب من المستحيل، فإذا كانت دولة العدل "ساعة"، فإن دولة الظلم إلى قيام الساعة
تحريرا في 24 فبراير 2007
دكتور: ف ع أ
<< Home