الفتاوى الرياضيه
حضرة الكابتن هاني رمزي المحترم
يؤسفني جدا أن ضيفك الشيخ في حلقة الأمس من "البيت بيتك" لم يكن موفقا بالمرة في فتواه الرياضية. والإسلام، شأنه شأن جميع الأديان السماوية، هو عقيدة جوهر لا مظهر؛ وليس كل غطاء يستر حتى وإن كان نقابا، وليس كل عري يفضح حتى وإن كان كاملا : فالعبرة دائما بالمحتوى. والذين نشأوا في الريف المصري يعلمون جيدا أن مشهد ثدي أم شابة ترضع وليدها لا يمكن أن يثير غريزة شهوة، لأن الثدي العاري هنا يرتبط مباشرة في الذهن والوجدان بغريزة الأمومة المقدسة المحترمة. وهذا ينطبق بدرجة كبيرة على حال لاعبة كرة القدم؛ فهي لا تدخل مباراة (أو منافسة) تستعرض فيها مفاتن جسدها، وإنما لتحقق غاية شريفة سامية محترمة وتستمتع بنعمة هبة ربانية وقدرات مهارية وبدنية اختصها المولى بها
والغريب أن يسارع الشيخ الضيف الكريم بإدانة كرة القدم النسائية، ويقطع بأنها "مائة في المائة حرام"، ولا يحاول هو وغيره من الشيوخ المشاهير مجرد إسداء النصح المخلص الأمين إلى الجهات المسئولة عن كل هذا الطوفان "من العري والعهر والسكر وتمجيد الرذيلة والتطاول على الله بحشر اسم الجلالة في مواقع ومشاهد الرقاعة والابتذال" الذي يغرق شاشات التليفزيون (وهم يظهرون بأنفسهم عليها) والسينما وخشبات المسارح
والواقع أن حديث "الحلال والحرام" لم يعد له الآن أي معنى في مخاطبة عامة المسلمين؛ فلقد جعلت الدولة، من خلال أجهزة الثقافة والإعلام على وجه الخصوص، كل شيء في رذائل الأخلاق مباحا : "فالله غفور رحيم"!! ولكي يستقيم حال الأمة، فإن على أهل الذكر والفكر أن يبحثوا عن مدخل آخر بديل للإصلاح والصلاح. مثلا : بإزكاء روح الانتماء، فيصبح المعيار في الحكم على مسلك أو مظهر هو أن يكون لائقا (أو غير لائق) بالإنسان المصري (وريث الحضارة العريقة الراقية الممتدة الموثقة المؤرخة لسبعة آلاف عام)، أو بالمسيحي المصري أو بالمسلم المصري. وكنموذج تطبيقي نسوق صورة المسيحي المصري التقليدي الذي احتفظ بقيمته وقيمه إلى عهد قريب (كقاعدة وليس استثناءا)؛ حيث اشتهر بالصدق والأمانة والأدب الجم وطهر اليد ونظافة اللسان (بينما يبقى عكس ذلك تماما هو بكل الأسى والأسف القاعدة السائدة، وليس أبدا الاستثناء، بين المسلمين في مصرنا .. وربما في غيرها من الأمصار). ولم يكن يتحقق للمسيحي المصري (النمطي التقليدي) ذلك أبدا لو لم يكن جادا مخلصا متعمقا في إيمانه، وعلى درجة عالية جدا من احترامه لانتمائه. ومصدر ذلك الاحترام هو من غير شك قناعته التامة بانتسابه إلى عقيدة محترمه تستحق منه أن يمثلها أفضل تمثيل : مهما كلفه ذلك من العنت والحرمان؛ فهو لا يريد "أن يخسر نفسه، مقابل أن يكسب عرض الدنيا كله"
تحريرا في الثالث من مايو 2006
د. ف ع أ
يؤسفني جدا أن ضيفك الشيخ في حلقة الأمس من "البيت بيتك" لم يكن موفقا بالمرة في فتواه الرياضية. والإسلام، شأنه شأن جميع الأديان السماوية، هو عقيدة جوهر لا مظهر؛ وليس كل غطاء يستر حتى وإن كان نقابا، وليس كل عري يفضح حتى وإن كان كاملا : فالعبرة دائما بالمحتوى. والذين نشأوا في الريف المصري يعلمون جيدا أن مشهد ثدي أم شابة ترضع وليدها لا يمكن أن يثير غريزة شهوة، لأن الثدي العاري هنا يرتبط مباشرة في الذهن والوجدان بغريزة الأمومة المقدسة المحترمة. وهذا ينطبق بدرجة كبيرة على حال لاعبة كرة القدم؛ فهي لا تدخل مباراة (أو منافسة) تستعرض فيها مفاتن جسدها، وإنما لتحقق غاية شريفة سامية محترمة وتستمتع بنعمة هبة ربانية وقدرات مهارية وبدنية اختصها المولى بها
والغريب أن يسارع الشيخ الضيف الكريم بإدانة كرة القدم النسائية، ويقطع بأنها "مائة في المائة حرام"، ولا يحاول هو وغيره من الشيوخ المشاهير مجرد إسداء النصح المخلص الأمين إلى الجهات المسئولة عن كل هذا الطوفان "من العري والعهر والسكر وتمجيد الرذيلة والتطاول على الله بحشر اسم الجلالة في مواقع ومشاهد الرقاعة والابتذال" الذي يغرق شاشات التليفزيون (وهم يظهرون بأنفسهم عليها) والسينما وخشبات المسارح
والواقع أن حديث "الحلال والحرام" لم يعد له الآن أي معنى في مخاطبة عامة المسلمين؛ فلقد جعلت الدولة، من خلال أجهزة الثقافة والإعلام على وجه الخصوص، كل شيء في رذائل الأخلاق مباحا : "فالله غفور رحيم"!! ولكي يستقيم حال الأمة، فإن على أهل الذكر والفكر أن يبحثوا عن مدخل آخر بديل للإصلاح والصلاح. مثلا : بإزكاء روح الانتماء، فيصبح المعيار في الحكم على مسلك أو مظهر هو أن يكون لائقا (أو غير لائق) بالإنسان المصري (وريث الحضارة العريقة الراقية الممتدة الموثقة المؤرخة لسبعة آلاف عام)، أو بالمسيحي المصري أو بالمسلم المصري. وكنموذج تطبيقي نسوق صورة المسيحي المصري التقليدي الذي احتفظ بقيمته وقيمه إلى عهد قريب (كقاعدة وليس استثناءا)؛ حيث اشتهر بالصدق والأمانة والأدب الجم وطهر اليد ونظافة اللسان (بينما يبقى عكس ذلك تماما هو بكل الأسى والأسف القاعدة السائدة، وليس أبدا الاستثناء، بين المسلمين في مصرنا .. وربما في غيرها من الأمصار). ولم يكن يتحقق للمسيحي المصري (النمطي التقليدي) ذلك أبدا لو لم يكن جادا مخلصا متعمقا في إيمانه، وعلى درجة عالية جدا من احترامه لانتمائه. ومصدر ذلك الاحترام هو من غير شك قناعته التامة بانتسابه إلى عقيدة محترمه تستحق منه أن يمثلها أفضل تمثيل : مهما كلفه ذلك من العنت والحرمان؛ فهو لا يريد "أن يخسر نفسه، مقابل أن يكسب عرض الدنيا كله"
تحريرا في الثالث من مايو 2006
د. ف ع أ
<< Home