Wednesday, December 28, 2005

يقول صاحبى عن: أقباط المهجر

استضاف برنامج حوار على القناة الأولى، يوم الأحد 25/12/2005 ، مجموعة ممن وصفهم بأقباط المهجر. ومساء الأثنين استضاف برنامج دردشه على القناة الثانيه نفس المجموعه مضافا اليهم رجل اعمال. وجمع بين محاور الأولى ومحاور الثانية، عدم القدرة على الاصغاء. وبالتالى حتمية الخروج عن الموضوعيه. وبدا الفارق فى التجهم القهرى (شبه العدوانى) للأول ، والأستظراف (شبه العدوانى أيضا) للآخر. وأصر محاور الأولى على الالحاح فى سؤال الضيوف عما فعلوا "لمساعدة مصر" ، واصر محاور الثانيه على طرح نفس السؤال، لكن بالحاح قاتل اكبر ... أنهى به الحلقه مكررا طلب "الفلوس" بغير حياء
ولم يدلنا أى من المحاورين عمن فوضهما فى التسول نيابة عن "مصر"، من أى مصدر كان. فأن كان ابنا ثريا فمصر هى صاحبة الفضل والمنة (بعد الرزاق العليم)، وان كان متعطفا أجنبيا فمصر بفضل الله هى الأغنى. لكن علينا أن نفرق بين مصر الحقيقية (الأم، الموارد) ومصر "الفالصو"، ومن الواضح أن تسول المحاورين كان بأسم مصر الفاصو (الأبناء) وليس أبدا بأسم مصرنا الأم (الأرض والنهر والتاريخ) التى هى بلا ريب من أغنى بلاد الدنيا. ولا يمكن أن يقال هذا أبدا عن مصرهم التى يتسولون لها (ولأنفسهم ضمنا)، مصر الأمه والدولة، فهى حقا من أفقر أمم ودول الدنيا. ويمكن للجدل حول "من السبب فى الفقر" ألا ينتهى، تماما مثل قضية "البيضه والكتكوت". فهل الدولة هى التى أفقرت الأمه أم أن فقر
الدولة هو جريرة وخطيئة الأمة؟ ! وتاتى القرائن والشواهد، بغير حصر، لتضع الأثم على الدولة
ولأن اعظم الفقر انما اساسا فقر فى الفكر، تبقى الرؤية مشوشة. وهى مشوشه لأنها تتركز على الذات، متناهية القصر.ويعرف هذا جيدا من يحاول ان يقرا نصا مكتوبا، ملاصقا للوجه، وهكذا ترصد الظواهر بمعزل عن المحيط. والضيوف الكرام (المخلصون الملتزمون المتعقلون) لم يختلفوا عن أولئك الآخرين (المارقين) الا فى لون أداة الرصد (النظارة، وأن كانت بنبى أم معتمة)، فاختلفت بالتالى طبيعة التفاعل، بين الاعتدال والتطرف. فالفريقان لا يرصدان الا الظلم الواقع على فئة يرتبطون بها عقائديا، مرجعين الاستهداف بالظلم الى اختلاف العقيدة الدينية. وتجاهلوا من خلال هذه القراءة اللصيقة، مثلا، حقيقة أن المرأة فى مصر تخضع لظلم فاضح أكبر وأعظم وأشرس وأفدح، رغم أنها تمثل احصائيا نحو نصف المجتمع، وليست مجرد أقلية محدودة. والظلم بالطبع، مثل العدل تماما، لا يتجزأ : فمن ظلم نفسا كأنما ظلم الناس جميعا ومن أنصف نفسا فكأنما أنصف الناس جميعا. ويشهد الواقع الاحصائى، مثلا، بأن الاناث اكثر تفوقا فى الدراسة من الذكور، وكما لاحظ محاور القناة الثانية وهو يذيع مراسم الاحتفال بعيد العلم منذ ايام قلائل، فأن نسبتهن بين اوائل الخريجين فى الجامعات أعلى بكثير. وبالمنطق هن، لذلك، أولى وأحق بالتمييز فى المناصب العليا وفى القيادة والريادة. وبخلاف الظلم البين الواقع على المرأة، ليس صحيحا بالمرة أن المسيحيين المصريين هم وحدهم المستبعدون من المناصب العليا فى الدولة، فهناك ألوف المسلمين الأعلى كفاءة والأطهر يدا، ممن تبقى فرصهم فى الانصاف معدومة: لأنهم ليسوا من المقربين أو المحاسييب أو المتملقين المسبحين بحمد المهيمينين على الأمور فى البلاد
ومن الطبيعى أن توقع الرؤية الذاتية صاحبها فى ظلم الاخرين من المستضعفين، وهذا بالتمام ما وقع فيه أحد ضيوف
برنامج القناة الثانية، حيث أقحم أسم "الاخوان المسلمين" فى الحوار، كمثال للتطرف المقابل. وهذا حكم بالغ الجور، ليس فقط لأنه معمم، وأنما لوضوح أعتماد الضيف الكريم على الشائعات دون التعامل مباشرة مح ضحية ظلمها. وللأسف، هناك غرس فى نفوس المسيحيين المصريين كره "الاخوان المسلمين" بالذات ظلما وبغيا وعدوانا. ولأن قداسة البابا تعامل مع "الاخوان المسلمين" ويعرفهم جيدا على حقيقتهم، فلعل قداسته لا يبخل على العدل بشهادة حق .. يلقى قداسته بها وجه ربه
بقلم: ف ع أ